الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتوب عليكم، ويصرف عنكم الحرام.
ولتعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وللمزيد من الفائدة عن الوقوع في الذنب بعد التوبة منه انظر الفتويين التالية أرقامهما: 61553، 119792.
فليكن همك الرئيس التوبة لله تعالى قبل كل شيء، وعليك بالحرص على شغل أوقات الفراغ في الأمور النافعة، والبعد عن الوحدة، وعدم الاسترسال مع الخواطر، والأفكار، مع الاستعانة بالله تعالى، وكثرة دعائه، وخاصة في السجود، وفي أوقات الإجابة؛ فإنه قريب مجيب الدعاء.
وأما أصحابك، فلا يشرع لك، ولا لهم الإخبار عن الوقوع في المعصية، إلا رجاء التناصح، والإفادة، وإلا فالواجب على العبد ألا يجاهر بمعصيته، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 109352، 97046.
فلا تخبرهم بشيء من ذلك، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب ـ لا سيما إذا كان الإخبار سببًا في رجوعهم للذنب ـ.
ونوصيك أن تبقى على نصحهم، ودعوتهم، فهي عبادة حتى ولو حصل منك التقصير، وادع الله أن يثبتك؛ فكونك تذنب لا يسوغ لك ترك النهي عن المنكر والأمر بالمعروف؛ فقد جاء في لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي: قيل للحسن: إن فلانًا لا يعظ، ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل، فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول، ودّ الشيطان أنه ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر. وقال مالك عن ربيعة: قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر، قال مالك: وصدق، ومن ذا الذي ليس فيه شيء. انتهى.
وأما خوفك على نفسك من إجلالهم لك، فيمكنك معالجته بمعرفة حال نفسك، وعيوبها، وقد قيل: من عرف نفسه لم يضره مدح الناس.
والله أعلم.