الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمعتبر في حصول التعجل، هو الخروج من منى قبل غروب الشمس من اليوم الثاني, فمن خرج قبل الغروب, فهو متعجل, ومن غربت عليه الشمس قبل الخروج, فليس بمتعجل, هذا هو مذهب الجمهور.
جاء في المغني لابن قدامة: فمن أحب التعجيل في النفر الأول، خرج قبل غروب الشمس، فإن غربت قبل خروجه من منى، لم ينفر، سواء كان ارتحل، أو كان مقيما في منزله، لم يجز له الخروج، هذا قول عمر، وجابر بن زيد، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وأبان بن عثمان، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر.
وقال أبو حنيفة: له أن ينفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث؛ لأنه لم يدخل وقت رمي اليوم الآخر، فجاز له النفر كما قبل الغروب. ولنا، قوله تعالى: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه. [البقرة: 203] . واليوم اسم للنهار، فمن أدركه الليل، فما تعجل في يومين.
قال ابن المنذر: وثبت عن ابن عمر أنه قال: من أدركه المساء في اليوم الثاني، فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس. وما قاسوا عليه لا يشبه ما نحن فيه؛ فإنه تعجل في اليومين. انتهى.
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا غربت الشمس وهو بمنى، أقام حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث. انتهى.
ومما سبق يتبين لك أن مجرد نية التعجل لا تكفي في حصول التعجل, وبالتالي فإن تراجعك عن التعجل، لا يترتب عليه بطلان الرمي، ولا الحج.
وبخصوص المبيت بمنى, فإن كنت قد مكثت في منى أكثر من نصف الليل، فهذا مجزئ, ويعرف ذلك بحساب ما بين غروب الشمس، وطلوع الفجر من المدة، فإذا كان الليل ينقص عن اثنتي عشرة ساعة، فإن القدر الذي مكثته في منى من الليل، يتأدى به الفرض، وإن كان الليل يبلغ اثنتي عشرة ساعة، أو يزيد؛ فإن المدة التي مكثتها لا تكفي. وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 18217 تفاصيل مذاهب أهل العلم بالنسبة لمن لم يبت بمنى معظم الليل.
والله أعلم.