المخول بإقامة الحدود

1-12-2015 | إسلام ويب

السؤال:
عندي سؤالان وأرجو سرعة الرد نظرا لكون السؤالين يتعلقان بالقتل:
شخص يسكن بالقرب منا قام بافتعال مشكلة وقام باعتداء على أبي بعصا وتسبب له في جرح كبير في رأسه، بل حتى الجرح في منتصف رأسه، وهذه الضربة الواضح أنها ضربة قوية وليست كمن يضرب بعصا دون التسبب في جرح، فالذي أرجحه أنه كان يقصد قتله، وحتى لو لم يكن يقصد قتله فالضربة القوية هذه أظن قد تقتل ولا تؤذي فقط بدليل ما حدث لأبي، وأسئلتي هي:
أولا: كما ذكرت أنا خائف من أن يتسبب هذا الشخص في قتل أبي أو قتل أحد لأنه ضرب أبي ثم حينما تدخلت فر، وكان الناس يمنعونه أيضا ولا أدري هل فر خوفا مني أم لأن الناس كانوا يمنعونه، ولكنه توصل لضرب أبي وكان من الممكن أن يقتله والناس كانوا موجودين أيضا، ولكني لم أكن موجودا حينما ضربه ولكني رأيته وهو متجه على أبي بالعصا جريا وكنت بعيدا عنه حين ضربه، وليس شرطا أن يخرج أبي دون قتل كل مرة في حال اعتدائه مرة أخرى، فهل يجوز لي قتله خوفا من أن يقتلني هو فقد أستعمل معه الرفق فيقتلني أو يقتل أبي؟.
ثانيا: هل يجوز لي ملاحقته لأخذ الحق أو لقتله حينما يفر لأنه ضرب أبي وكان من الممكن أن يقتله ثم لما رآني أتيت فر؟ فهل في كل مرة أتركه يضرب ويجري ولا ألاحقه لأنه فر فلو تركته في كل مرة قد يصيبه في مرة ويقتل ويفر أيضا؟ وأنا لا أقصد بسؤالي الثاني أني من أذهب إليه ولكن حال اعتدائه ثم هربه هل أتركه في كل مرة؟
فما هو الحل؟ هل أنتظر حتى يقتل أحدا؟ وللعلم قمت بضبط النفس من تحمل سباب منه، وكان بإمكاني ضربه على رأسه أيضا بالعصا ولكني لم أفعل لأني لم أكن أعلم أنه ضربه بهذه القوة التي قد تتسبب في القتل، وأردت أن لا أفعل حراما، ولكن أن تصل الأمور للقتل أو لشيء يتسبب في القتل، فبالطبع لن أتركه حتى يقتلني أو يقتل أحدا من عائلتي، وأريد معرفة الحكم الشرعي في كل ذلك بالتطبيق على هذه الحالة لأني قرأت بعض الفتاوى عن دفع الصائل، ولكن أريد التطبيق بالكلام المباشر على هذه الحالة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا التصرف الذي صدر من هذا الرجل منكر عظيم يتضمن ظلما واعتداء، ولا يجوز للمسلم أذية أخيه المسلم بأدنى أذى، بل ولا يفعل ما يحتمل أن يؤذيه به، فكيف إذا قصد ذلك، روى مسلم عن أبى موسى ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها».

ولا يجوز لك قتله ولو قتل والدك أو أحد أقاربك؛ لأن إقامة الحدود ليست من شأن عامة الناس، وإنما هي إلى السلطان المسلم أو من ينوب عنه، ففي المجموع للنووي الشافعي: لا يقيم الحدود على الأحرار إلا الإمام، أو من فوض إليه الإمام؛ لأنه لم يقم حد على حر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلا بإذنه، ولا في أيام الخلفاء إلا بإذنهم، ولأنه حق لله تعالى يفتقر إلى الاجتهاد، ولا يؤمَن في استيفائه الحيف، فلم يجز بغير إذن الإمام. اهــ.

وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: تَحْرُمُ إقَامَةُ حَدٍّ إلَّا لِإِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ. اهــ. وإذا ترك إقامة الحدود إلى عامة الناس كان ذلك مدعاة للفوضى واضطراب أحوال الناس، ونرى مثل هذا كثيرا في واقعنا.
ولا يعني هذا أن يترك هذا الرجل يعبث ويعرض أرواح الناس للخطر، بل يرفع أمره للجهات المسؤولة لتعمل على ردعه وزجره وتوفيه ما يستحق من عقوبة، وتضمنه ما يجب عليه من ضمان.

وإذا اعتدى مرة أخرى على أحد فهو صائل، وقد ذكر أهل العلم أن الصائل يدفع بالأسهل فالأسهل، ويمكن مطالعة كلامهم في الفتوى رقم: 80226، والفتوى رقم: 259600، فلا يجوز أن يقتل إن أمكن دفعه بلا قتل.

والله أعلم.

www.islamweb.net