الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت ستترك أمك في دار أمان، ولا تخشى عليها الضيعة بسفرك عنها، فلا حرج عليك في السفر، ولو لم ترض؛ إذ لا يلزم استئذان الوالدين -والحالة هذه-، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 60672.
والسفر مع رضاها وبعد استئذانها أتم، وأكمل، فاجتهد في سبيل إقناعها، وأكثر من دعاء الله أن يرضيها عنك، ففي رضاها رضا المولى -سبحانه وتعالى-؛ روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد.
وإن كنت تخشى على أمك ضررًا -ولم يكن ثمة سبيل لدفع هذا الضرر بخادمة، ونحوها-، فلا يجوز لك السفر بغير إذنها؛ ففي كلام السرخسي الذي نقلناه في الفتوى المحال عليها آنفًا اشتراط أمن الضيعة للوالدين لإباحة سفر الولد لتجارة، ونحوها بغير إذنهما.
وحينئذ إما أن تصبر الزوجة حتى ييسر الله أمرك، أو أن تطلقها، عسى أن يرزقها الله زوجًا خيرًا منك، ويرزقك زوجة خيرًا منها؛ قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
وإن كان الأمر يتعلق بمجرد الإقامة، فاجتهد في سبيل تحصيلها بحيث تتمكن من السفر لإتمام الزواج، والعودة إلى أمك مرة أخرى.
والله أعلم.