الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعبرة في تحديد الأجور يرجع إلى ما يتفق عليه في العقد، فمن رضي بعمل ما مقابل أجرة ما ولو كانت أقل من أجرة نظرائه، فلا ظلم في ذلك، ومع هذا فالمستحب أن يكون المرء سمحًا في معاملاته، وقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة للرجل السمح: "رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى". رواه البخاري. وفي رواية: "أحب الله تعالى عبدًا سمحًا إذا باع، وسمحًا إذا اشترى، وسمحًا إذا قضى، وسمحًا إذا اقتضى". جاء في التنوير شرح الجامع الصغير: "والسماحة في هذه الأربعة دليل على السخاء وسماحة النفس، والله تعالى يحب ذلك".
وفي فيض القدير للمناوي: (قال الطيبي: رتب المحبة عليه ليدل على أن السهولة والتسامح في التعامل سبب لاستحقاق المحبة، ولكونه أهلًا للرحمة، وفيه فضل المسامحة في الاقتضاء، وعدم احتقار شيء من أعمال الخير، فلعلها تكون سببًا لمحبة الله تعالى التي هي سبب للسعادة الأبدية).
وعليه؛ فالتسامح مع أولئك العمال -ولو رضوا باليسير- من البرّ، لكن لا ظلم فيما ذكرت ما دام التراضي من طرفي العقد على الأجرة.
والله أعلم.