الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما وقع منك ومن أخيك من الإساءة إلى الأمّ فهو غير جائز، والواجب عليكما التوبة إلى الله -عزّ وجلّ-، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع استحلال الأمّ واسترضائها، وذلك لأنّ حقّ الأمّ على ولدها عظيم، ومهما أساءت ووقعت في المنكرات فإنّ الإنكار عليها لا يجوز أن يشتمل على إغلاظ، فضلًا عن سبّها وشتمها، وانظر الفتوى رقم: 134356.
واعلم أنّ هذا العقد الذي وقع بين الرجل والأمّ دون ولي ولا شهود، عقد باطل، وانظر الفتوى رقم: 162497.
وإذا كان الرجل لم يطلقها، فلها أن تأخذ بقول من يرى عدم الحاجة إلى الطلاق أو الفسخ في مثل هذه العقود الفاسدة؛ قال ابن قدامة: "وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجًا فَاسِدًا، لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِ مَنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا أَوْ يَفْسَخَ نِكَاحَهَا. وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ طَلَاقِهَا، فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا حَاجَةَ إلَى فَسْخٍ وَلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ، أَشْبَهَ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ". المغني لابن قدامة (7/ 11).
وإذا كانت الأمّ بحاجة إلى النكاح فلا يجوز لكم أن تمنعوها منه، بل ينبغي عليكم أن تعينوها على ذلك إعفافًا لها وبرًّا بها.
والله أعلم.