الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم على عمل أبيك ينبني على معرفة نوع التأمين الذي تتبناه الشركة وتعمل وفقه، فإن كان من النوع التجاري وهو الكثير الغالب فهذا محرم حسبما قررته مجامع الفقه الإسلامية وجماهير العلماء المعاصرين لكون هذا النوع من التأمين قد بني على غير أساس شرعي، وأنه ـ بكل أنواعه وصوره ـ مشتمل على محاذير شرعية؛ منها: الغرر، والمقامرة، والربا إلى آخرها. وعليه، فإذا كانت الشركة التي يعمل معها والدك من هذا النوع فلا يجوز له العمل فيها ولا التعامل معها؛ لأن ذلك تعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وإن كانت الشركة تعمل وفق نظام التأمين التكافلي التعاوني فلا حرج في العمل لديها أو التعاون معها والاشتراك في نظامها، وهذا هو التكافل المشروع القائم على تفتيت الأضرار بين المشتركين وتحمل بعضهم عن بعض.
ولو قيل كيف أميز بين النوعين وأعرف هل نظام الشركة تعاونيا أو تجاريا؟
فالجواب أن ينظر إلى طبيعة العقد بين الموظفين والمؤسسة التي تقتطع منهم هذه الأقساط مقابل التغطية الصحية، فإذا كان دور المؤسسة هو رعاية هذه الأقساط كوكيل أو أجير وتغطية الأضرار من هذه الأقساط المجتمعة لديها فيكون التعويض أو دفع تكاليف العلاج كليا أو جزئيا من قبل الموظفين بعضهم لبعض ولا علاقة للشركة بالأقساط إلا علاقة الوكيل الأجير، ويكون الفائض بعد أقساط التأمين للموظفين أو يبقى في الصندوق، فهذا التأمين تعاوني مشروع.
وأما إن كانت المؤسسة هي التي تدفع تكاليف العلاج مقابل الأقساط المدفوعة، والفائض لها، فهو تأمين تجاري محرم قائم على الغرر والميسر، وانظر الفتوى رقم: 107270.
والله أعلم.