الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّ زوجك إذا زار أمّه في بيتها طلقت منه ثلاثاً وبنت منه بينونة كبرى، فلا تحلين له إلا إذا تزوجت زوجاً آخر ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ويدخل بك الزوج الجديد ثم يطلقك أو يموت عنك وتنقضي عدتك منه.
وهذا قول أكثر أهل العلم، لكنّ بعض العلماء يرى أنّ زوجك إن كان قصد بيمينه التأكيد على عدم الزيارة ونحو ذلك ولم يقصد إيقاع الطلاق، فإنّ له أن يزور أمه، ولا يقع عليك طلاق، ولكن تلزمه كفارة يمين، وإن كان قصد باليمين إيقاع الطلاق فإنّه إذا زار أمّه وقعت عليك طلقة واحدة، وانظري الفتوى رقم: 11592.
وقولك إنّه حلف مرغماً لا يمنع انعقاد يمينه؛ لأنّه لم يكن مكرهاً الإكراه المعتبر الذي يمنع وقوع الطلاق، فالإكراه المعتبر يكون عند الخوف من القتل أو الضرب ونحو ذلك، قال المرداوي ـ رحمه الله ـ: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَادِرًا بِسُلْطَانٍ أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ، الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ وَهَرَبِهِ وَاخْتِفَائِهِ، الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 440)
و ننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.