الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالزكاة إنما تُخرجُ من التركة ابتداء إذا كان صاحب التركة قد وجبت الزكاة في ماله قبل موته ولم يخرجها، فتُخرجُ حينئذ لأنها تعتبر دَينًا على التركة تُخرج منها قبل قسمتها على الورثة؛ جاء في الموسوعة الفقهية: مَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إِخْرَاجِهَا، حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا؛ أَثِمَ إِجْمَاعًا. ثُمَّ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ إِلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ لَمْ يُؤَدِّهَا فَإِنَّهَا لاَ تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ، كَسَائِرِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةِ، وَمِنْهَا الْحَجُّ وَالْكَفَّارَاتُ ... اهـ.
وإن لم يكن هناك زكاة على الميت، فإنه لا زكاة على الورثة فيها، وإنما ينظر كلُّ وارثٍ فيما ينوبه من التركة، فإن كان من الأموال الزكوية كالنقود، وبلغ نصابًا -بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو ذهب أو فضة أو عروض تجارة-، استقبل به حولًا، وأخرج زكاته بعد مرور الحول، والحول يبدأ من يوم موت المورث في المفتى به عندنا، وليس من يوم قبض الوارث نصيبه من التركة، كما بيناه في الفتوى رقم: 294226.
والمبلغ الذي ذكرت أنك تستلمه منذ وفاة والديك لا ندري على أي أساس تستلمه، وهل هو لك وحدك أم يشاركك فيه ورثة آخرون؟ والذي يمكننا قوله باختصار: أنه لو كنت أنت وحدك المالك له شرعًا، فإنه يجب عليك زكاته ما دام بالغًا النصاب، ولكن تزكيه عند مرور الحول على بلوغ النصاب، ومن ملك من النقود ما يبلغ نصاب ذهب أو فضة، وحال الحول بالأشهر القمرية على النصاب، وجب عليه أن يخرج زكاته، ومقدارها ربع العشر.
والله تعالى أعلم.