الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالواجب عليك -أختي السائلة- قضاء كل الأيام التي أفطرتها من رمضان بعد بلوغك سواء الشهر الذي أفطرته بسبب منع أبيك لك من الصيام، أو الأيام التي أفطرتها بسبب الحيض في السنة التي تليها، والشهر الذي شككت في صيامه وأخبرتك أمك أنك صمته، الأصل أنك لم تصوميه، وقد نص أهل العلم على أن من شك في الصيام لزمه الصوم؛ إذ الأصل عدم براءة ذمته منه، قال ابن رجب في قواعده: فَالصَّلَاةُ وَالطَّهَارَةُ وَنَحْوُهُمَا كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَادَةٌ فعلية مَطْلُوبَةُ الْوُجُودِ إذَا شَكَّ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْهَا فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَلَا يُخْرَجُ مِنْ عُهْدَتِهِ إلَّا بِيَقِينٍ... اهـ ، ومثله قول القرافي في الفروق: إذَا شَكَّ هَلْ صَامَ أَمْ لَا؟ وَجَبَ الصَّوْمُ... اهـ .
وخبر أمك بأنك صمته لا يَسْقُطُ به الصومُ عنك فربما قالت ذلك شفقة عليك، ثم إن من أهل العلم من يرى أن خبر الثقة في أصل أداء العبادة لمن شك فيها لا يقبل، جاء في شرح الزرقاني على مختصر خليل: يقبل إخبار الغير بكمال الوضوء والصوم كما في ابن عرفة وينبغي تقييده بعدلٍ روايةً، وظاهره عدمُ قبول خبره ولو عدلَ روايةٍ بأصلِ الوضوءِ أو بأصل الصوم ... اهــ .
وقال الحطاب المالكي: لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى فَأَخْبَرَتْهُ زَوْجَتُهُ وَهِيَ ثِقَةٌ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْتَرِيهِ كَثِيرًا، وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ... وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ رِوَايَةَ الْمَجْمُوعَةِ هَذِهِ وَنَصّهُ الشَّيْخُ عَن ابْنِ نَافِع لَا يَقْبَلُ شَاكٌّ خَبَرَ ثِقَةٍ أَنَّهُ صَلَّى، وَالْمُوَسْوِسُ أَرْجُو قَبُولَهُ. اهـــ
كما يجب عليك مع القضاء في قول جمهور أهل العلم كفارة تأخير عن كل يوم، وانظري الفتوى رقم: 219541.
والله تعالى أعلم.