الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقاعدة: من لم يكفر الكافر فهو كافر ـ محلها الكفر المعلوم من الدين بالضرورة؛ ككفر غير المسلمين من الكفار الأصليين، ولا يصح ذلك في حال الحكم بردة المسلم الذي يقع في عمل من أعمال الكفر بجهل أو شبهة، دون إقامة الحجة عليه، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 98395، 53835، 12718.
ولا يخفى أن اجتهاد أحد أهل العلم المعتبرين في الحكم بردة واحد ممن ينتسب إلى الإسلام لقيام الحجة عليه ـ وإن كان له اعتباره ـ إلا إن قوله يبقى اجتهادا قابلا للأخذ والرد، ولا سيما إذا خالفه غيره من أهل العلم، سواء في تحقق مناط الكفر، أو في قيام الحجة الرسالية التي ينقطع بها العذر، ثم إن عامة الناس الذين لا علم لديهم بهذه المسائل الدقيقة، لا يلزمهم الخوض فيها، ولا الحكم على معين من أهل القبلة بالكفر، ولا تقليد واحد بعينه من أهل العلم في حكمه بذلك، وقد اختلف العلماء قديما في الحكم على الحجاج بن يوسف الثقفي، وحكم عليه بعضهم بالكفر، كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى رقم: 112543. ولم نسمع أن أحدا منهم ألزم العامة بتقليده وتكفير الحجاج!
وعلى أية حال، فالخطأ في العفو أفضل من الخطأ في العقوبة، والخلل في الحكم بإسلام من يظهر إسلامه -وهو مرتد في الحقيقة- أسلم من الخطأ في الحكم بردة مسلم، وليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، والحكم بالكفر على المعين ليس بالأمر الهين، وقد سبق لنا بيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وأن من ثبت إسلامه بقين، فلا يزول إسلامه بالشك، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 721، 53835، 246232، 176653.
والله أعلم.