الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصدقة عن الميت جائزة بإجماع علماء المسلمين، وسبق أن بيَّنَّا ذلك في الفتوى رقم: 3500.
هذا، واعلم أن الشريعة عظَّمت شأن يوم الجمعة وليلتها، ويروى في ذلك أحاديث كثيرة، منها قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ. رواه أبو داود، وابن ماجه.
ويرى كثير من العلماء أن ثواب العمل الصالح في يوم الجمعة وليلتها أرجى وأفضل، من غير تخصيص ذلك بالميت، ومن ذلك الصدقة، قال الخطيب الشربيني في كتابه الإقناع في حلِّ ألفاظ أبي شجاع: وَيُسَنُّ كَثْرَةُ الصَّدَقَةِ، وَفِعْلُ الْخَيْرِ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا. انتهى.
وقال ابن القيم في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد في أثناء حديثه عن خصائص يوم الجمعة: الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ لِلصَّدَقَةِ فِيهِ مَزِيَّةٌ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَالصَّدَقَةُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِرِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ كَالصَّدَقَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِرِ الشُّهُورِ، وَشَاهَدْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ ـ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ ـ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْجُمُعَةِ يَأْخُذُ مَا وَجَدَ فِي الْبَيْتِ مِنْ خُبْزٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي طَرِيقِهِ سِرًّا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيْ مُنَاجَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالصَّدَقَةُ بَيْنَ يَدَيْ مُنَاجَاتِهِ تَعَالَى أَفْضَلُ، وَأَوْلَى بِالْفَضِيلَةِ. انتهى.
هذا، والأصل أن تصف المرأة بأنها ميتة، كما يوصف الرجل بأنه ميت، ولكن قد يطلق لفظ الميت، ويراد به الجنس، كما يقال: يجوز التصدق عن الميت، والمراد الجنس ذكرًا أم أنثى.
والله أعلم.