الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي ضوء الأسئلة السابقة للأخ السائل، فإنا لا نرى أن جواب سؤاله هذا سيزيل إشكاله، بل سيعود به إلى الوسوسة من جديد فيما نظن!! نظرا لطبيعة الموسوس، التي تظهر بجلاء في موضوع النذر بالنسبة للسائل.
وعلى أية حال، فإن جمهور أهل العلم لا يعتبرون النية في النذر المبهم ـ وهو الذي لم يسم فيه المنذور ـ فمذهب المالكية والحنابلة أن عليه كفارة يمين.
ومذهب الشافعية فيمن قال: "علي نذر، أو إن شفى الله مريضي، فعلي نذر" أنه تلزمته قربة غير معينة، وله أن يختار ما شاء من القرب، كتسبيح، وتكبير، وصلاة، وصوم.
وأما الذين يعتبرون النية في النذر الذي لم يسم، فهم الحنفية، فحكمه عندهم: وجوب ما نواه الناذر إن نوى شيئاً، وإن لم تكن هناك نية عند الناذر، وهو النذر المبهم، فعليه كفارة اليمين. (وراجع في تفصيل ذلك كتاب (الفقه الإسلامي وأدلته) للزحيلي. والموسوعة الفقهية الكويتية).
والراجح هو الذي عليه جمهور العلماء.
قال ابن قدامة في المغني: النذر المبهم، وهو أن يقول: لله علي نذر. فهذا تجب به الكفارة، في قول أكثر أهل العلم. وروي ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، وجابر، وعائشة. وبه قال الحسن، وعطاء، وطاوس، والقاسم، وسالم، والشعبي، والنخعي، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومالك، والثوري، ومحمد بن الحسن. ولا أعلم فيه مخالفا إلا الشافعي، قال: لا ينعقد نذره، ولا كفارة فيه؛ لأن من النذر ما لا كفارة فيه. ولنا ما روى عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر إذا لم يسمه، كفارة اليمين. رواه الترمذي. وقال: هذا حديث حسن صحيح، غريب. ولأنه نص، وهذا قول من سمينا من الصحابة والتابعين، ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفا، فيكون إجماعا. اهـ.
والذي ننصح به السائل هو أن يعرض عن التفكير في موضوع النذر، وعن السؤال عنه. فإنه إن لم يفعل، فلن يعدم الشيطان سبيلا لإيقاعه في الحيرة والتردد.
والله أعلم.