الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد فرق بين المؤمن الذي يقرأ القرآن، والمؤمن الذي لا يقرؤه، كما في الحديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الْأُتْرُجَّة، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها، وطعمها حلو. وقد بينا حكم هجر القرآن في الفتوى رقم: 15318.
وأما نسيان ما حُفظ من القرآن، فإنه إن كان سببه الهجر وترك التعاهد، فإنه معصية يأثم صاحبها، وقد يكون سببها معصيةٌ أخرى حرمه الله بها لذة الإيمان، ولذة القرآن. أما إن كان سببه ضعف الحفظ والذاكرة، وغير ذلك من الأعذار القاهرة.. فلا شيء عليه، ما دام يتعاهده ما أمكن، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 126304، والفتوى رقم: 62200، وفيها بيان علاج هذه المشكلة.
ومما يفيد -إن شاء الله- في رجوع القلب إلى محبة كلام الله تعالى، والتلذذ بتلاوته: الإكثار من الدعاء الذي جاء في حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قال عَبْدٌ قَطُّ إذا أصابه هَمٌّ وَحَزَنٌ: اللَّهُمَّ إني عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ. أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هو لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ به في عِلْمِ الغيب عِنْدَكَ أَنْ تجعل القرآن رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صدري، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ الله عز وجل هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مكان حُزْنِهِ فَرَحًا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: أَجَلْ، ينبغي لمن سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ". رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه غير واحد من أهل العلم.
والله أعلم.