الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى هذا الأثر الإمام اللالكائي في كتابه: كرامات أولياء الله عز وجل ـ بسنده إلى الْأَصْمَعِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ، يَقُولُ: إِنَّ ثَابِتًا رُفِعَ وَلَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ فِي قَبْرِهِ، وَكَانَ هُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ رَفَعْتَ أَقْوَامًا مِنْ عِبَادِكَ فَاجْعَلْنِي مِنْهُمْ.
وقال الدكتور أحمد سعد حمدان في تحقيقه للكتاب عند هذا الأثر: سنده رجاله ثقات: وقد وردت آثار أخرى تتضمن خلاف هذا، فقد أورد أبو نعيم عن حميد الطويل أن ثابتا كان يدعو أن يأذن الله له بالصلاة في قبره، وقد شوهد كذلك عندما سقطت إحدى لبنات القبر. انتهى.
ومع تعارض ظاهر هاتين الحادثتين، فلا نستطيع الجزم بخلو قبره من جسده، ولا علم لنا بذلك، وانظر الفتوى رقم: 317062، ففيها الكلام على قصة صلاة ثابت البناني في قبره.
وقد ذكرنا في الفتويين رقم: 23116، ورقم: 160425، أن المكان العلي الذي رفع إليه إدريس ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو رفعه إلى السماء الرابعة، كما صححه الإمام القرطبي في تفسيره.
وعلى هذا؛ فإن رفع ثابت ـ رحمه الله ـ ليس في معنى رفع إدريس عليه الصلاة والسلام، لأن ثابتا قد ذكر في رفعه أنه لم ير له أثر في قبره بعد دفنه، وليس هذا هو المعنى الراجح في رفع إدريس عليه الصلاة والسلام.
وأما الدعاء بمثل هذا الدعاء: فإن كنت تقصد بذلك أن الله يرفع جسدك من الأرض بعد موتك، فلا نرى فيه كبير مزية، ولو كانت لحصلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، أو لأثر عن أحد منهم أنه دعا بمثل هذا الدعاء.
وعليه؛ فالأولى الدعاء بغيره مما هو مأثور، بل قد يخشى أن يكون في ذلك اعتداء في الدعاء، لأن الله تعالى يقول: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى {طه:55}.
والاعتداء في الدعاء لا يجوز.
وأما إن كنت تقصد بمثل هذا الدعاء أن الله يرفع درجتك وشأنك في الآخرة، فذلك دعاء مشروع.
والله أعلم.