الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: خير للمؤمن أن يتزوج امرأة مؤمنة، صالحة، تعينه في أمر دينه ودنياه، ففي الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين، تربت يداك.
قال الغزالي في إحياء علوم الدين ،وهو يبين فوائد النكاح: المرأة الصالحة للمنزل، عون على الدين بهذه الطريق، واختلال هذه الأسباب شواغل ومشوشات للقلب، ومنغصات للعيش؛ ولذلك قال أبو سليمان الداراني - رحمه الله -: الزوجة الصالحة ليست من الدنيا؛ فإنها تفرغك للآخرة، وإنما تفريغها بتدبير المنزل، وبقضاء الشهوة جميعا. وقال محمد بن كعب القرظي في معنى قوله تعالى:" ربنا آتنا في الدنيا حسنة"، قال المرأة الصالحة. اهـ.
والمرأة المذكورة بالسؤال إن كانت كافرة، فلا يجوز الزواج منها كتابية كانت أم غير كتابية، فأما غير الكتابية؛ فلأن الله عز وجل حرم الزواج منها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 127973.
وأما الكتابية: فقد جعل الله عز وجل العفة شرطا لجواز نكاحها، قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}.
نقل ابن عطية في تفسيره عن الشعبي أنه قال: إحصان الذمية: ألا تزني، وأن تغتسل من الجنابة. اهـ.
وإذا كانت هذه المرأة مسلمة، وتابت حقيقة، واستقام أمرها، جاز الزواج منها، ولا اعتبار لمجرد قولها إنها ستتوب، فلا يتزوجها حتى تتحقق توبتها.
وننبه إلى أنه إضافة إلى اشتراط توبة الزانية لجواز الزواج منها، يشترط أيضا استبراء رحمها، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى رقم: 94773.
والله أعلم.