الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد الكره القلبي لا مؤاخذة فيه، ما لم تتعاطي أسبابه، وتعملي بمقتضاه من إساءة الأدب مع الأب، والتأفف منه، وعدم خفض الجناح له، وغير ذلك من عقوقه.
واعلمي أن الله تعالى حث على بر الوالدين، ومصاحبتهما بالمعروف، والإحسان إليهما، ونهى عن عقوقهما، فلا بد من امتثال ذلك لبلوغ رضاه...
وننبهك إلى أن إساءة الوالد لا تجوز مقابلتها بمثلها، فاصبري على ما تلقينه من أذى، واطردي عن نفسك ذلك الشعور، ولا تظهري لأبيك إلا الحب والمودة، وتحببي إليه بالأقوال الحسنة، والأفعال الجميلة ابتغاء مرضاة الله عز وجل، واجتهدي بالدعاء، واسأليه سبحانه بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يفرج همك، ويكشف غمك.
وأما كلامك مع أختك في شأن الوالد، فلا حرج فيه، إن أردت الشكوى، والحديث عن كيفية التعامل معه، وتفادي ضرره.
ففي روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لمؤلفه شهاب الدين الألوسي: وأما مجرد الشكوى الجائزة، والطلب الجائز، فليس من العقوق في شيء، وقد شكا بعض ولد الصحابة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم ينهه عليه الصلاة والسلام، وهو الذي لا يقر على باطل. انتهى.
والله أعلم.