الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه الرسوم الهادفة، قد رجحنا جوازها للمصلحة الغالبة، وراجعي تفصيل ذلك في الفتويين: 3127، 17300.
وينبغي أن يستثنى من هذه الرسوم، ما يستثنى من جواز التمثيل -عند من يجوزه- وذلك كتصور الأنبياء -عليهم السلام- والصحابة -رضي الله عنهم- فإن تمثيلهم وتصويرهم من باب واحد.
ولذلك لما سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي عام المملكة العربية السعودية، عن الجائز، والمحرم من الرسوم المتحركة في رسم الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين، والخلفاء الراشدين؟ أحال في جوابه على قرار هيئة كبار العلماء المتعلق بتمثيل دور الصحابة رضي الله عنهم، وقال: إجابة لسؤالكم عن حكم إنتاج برامج رسوم متحركة (أفلام كرتون) تتضمن صور صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحيطكم بأنه قدر صدر القرار رقم (13) من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وهذا نصه ... اهـ.
وذكر نص القرار المحرم لتمثيل دور أحد من الصحابة (راجع العدد الرابع والثمانين من مجلة البحوث الإسلامية، ص 51).
والمقصود أنه إذا لم يجز تمثيل دور أحد من الناس، فلا يجوز رسم صورته في القصص ونحوها.
وعلى ذلك؛ فقد استثنى بعض أهل العلم من جواز التمثيل: تمثيل أئمة الإسلام الأعلام، كالأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وراجعي في ذلك، الفتوى رقم: 36893.
وسئل الشيخ ابن عثيمين: ما حكم تمثيل الصحابة والصالحين فيما يسمى بالتمثيليات الدينية. وهل هناك فرق في الحكم فيما إذا كان الممثل صالحا أو غير صالح؟
فأجاب: الذي أرى أنه لا يجوز تمثيل الصحابة، والأئمة، ومن لهم حق الحرمة؛ لأن التمثيل يحط من قدرهم، لا سيما إذا كان الممثل شخصاً فاسقاً، أو ما أشبه ذلك. ولا أرى فرقا بين الممثل إذا كان صالحاً أو غير صالح، إذا مثل من لهم حق الحرمة، كالصحابة، وأئمة المسلمين. اهـ. (من فتاوى علماء البلد الحرام ص 1762).
فالأمر -على ذلك- لا يقتصر على جيل الصحابة، أو جيل التابعين، بل كل من له حق الحرمة، ينبغي ألا يمثل، أو يصور.
ويمكن أن يستعاض عن ذلك في القصة المرسومة، بحكايتها على لسان غيرهم، كالأستاذ الذي يحكي لتلاميذه، والوالد الذي يحكي لأولاده، فترسم بيئة القصة، دون اللجوء لرسم الشخصية ذاتها.
والله أعلم.