الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالسؤال يكتنفه شيء من الغموض، والذي فهمناه هو أن الوالد توفي عن ابنين وبنتين، وأن أحد الابنين ارتد عن الإسلام إلى النصرانية ـ والعياذ بالله ـ وأنت تسأل الآن هل تركة الوالد تقسم بين الابنين والبنتين بمن فيهم الابن المرتد؟ أم تقسم بين الابن الحي والبنتين، ويكون نصيب الابن المرتد بعد مماته لأخيه دون أخواته؟ فإن كان هذا هو المراد، فإن الولد المرتد لا يخلو من أحد أمرين:
أولهما: أن يكون ارتد قبل وفاة أبيه، وفي هذه الحال ليس له شيء من تركة أبيه، لأنه صار كافرا، والابن الكافر لا يرث والده المسلم بالإجماع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم. متفق عليه.
جاء في الموسوعة الفقهية: فَلاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ اتِّفَاقًا.. اهـ.
فهو معدوم شرعا، فكان كالمعدوم حساًّ، وعليه، فإذا لم يترك والدُهم من الورثة أحدا غيرهم، فإن التركة تقسم بين الابن الحي والبنتين للذكر مثل حظ الأنثيين: للابن سهمان، ولكل بنت سهم، ولا ينفرد الابن الحي بنصيب الابن المرتد.
الثانية: أن يكون الابن ارتد بعد وفاة أبيه، وفي هذه الحال تقسم تركة الوالد بين كل الورثة بمن فيهم الابن المرتد، لأنه كان وقت وفاة والده مسلما، فيكون نصيبه من التركة دخل في ملكه، لأن التركة تنتقل إلى ملك الوارث بموت المورث، فإذا لم يترك والدُهم من الورثة إلا ابنيه وبنتيه، فإن التركة تقسم على ستة أسهم، لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد، ثم نصيب الابن المرتد الذي مات على ردته يجري فيها كلام الفقهاء في مال المرتد إذا مات لمن يكون؟
جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَال الْمُرْتَدِّ إِذَا قُتِل، أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أ ـ أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ يَكُونُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَال، وَهَذَا قَوْل مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ.
ب ـ أَنَّهُ يَكُونُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ اكْتَسَبَهُ فِي إِسْلاَمِهِ أَوْ رِدَّتِهِ، وَهَذَا قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
ج ـ أَنَّ مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَال إِسْلاَمِهِ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا اكْتَسَبَهُ فِي حَال رِدَّتِهِ لِبَيْتِ الْمَال، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ.
والله أعلم.