الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أن تسكني مع غير الأقارب إذا أمنت على نفسك، وكان في الدار التي تسكنين فيها مكان خاص بك يسترك من غير المحارم، أمّا إن خشيت الفتنة، أو كانت الدار ضيقة، وليس فيها مكان تختصين به يسترك عن الرجال الأجانب، فلا تجوز لك تلك المساكنة، قال الماوردي: وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الدَّارُ ذَاتَ بَيْتٍ وَاحِدٍ إِذَا اجْتَمَعَا فِيهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ لَا تَقَعَ عَيْنُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ أَوْ نِسَاءٌ ثِقَاتٌ، لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُحْفَظُ عِنْدَ إِرْسَالِهَا. اهـ
مع التنبيه إلى أنّ أبناء هذه المرأة التي ربتك، ماداموا من غير محارمك فهم أجانب منك، ولا عبرة بكونهم يعتبرونك أختاً لهم.
واعلمي أنّ لوالديك حقاً عظيماً عليك مهما أساءا إليك أو فرطا في تربيتك، فلا يجوز لك هجرهما أو الإساءة إليهما، ولا سيما أمّك، فإنّ حقها آكد، وراجعي الفتوى رقم: 103139.
والمرأة التي ربتك لها حقّ عليك، لكنه ليس كحقّ أمّك بلا ريب، ويجوز لك أن تبقي معها إذا لم يكن في البقاء معها تعرض لخلوة أو اختلاط بالأجانب، وإذا كانت أمّك بحاجة إليك، فيجب عليك الرجوع لها، والبقاء معها، والقيام بحقها، أمّا إذا كانت أمّك لا تحتاج إلى بقائك معها، ورضيت بإقامتك عند المرأة التي ربتك، فلا مانع إذاً.
والله أعلم.