الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في فتاوى سابقة أن مقارنة الأديان من أسباب الفتنة إذا لم يكن المسلم على علم راسخ يستطيع به أن يدفع ما قد يرد عليه من الشبهات، ولذا فقد حذرنا كثيرا من سلوك هذا السبيل، وكذا التصدي لمحاورة أهل الباطل لمن لم يكن مؤهلا لذلك ولم يكن متضلعا من علم الشرع، فبقدر التمكن في العلم الشرعي يستطيع أن ينجح في مهتمه ويسلم من التأثر بأقوال أهل الضلال، ومن لم يتمكن من ذلك فننصحه بالبعد عن مناقشة أهل الباطل، لئلا تنطلي عليه شبههم، فقد نص أهل العلم على أن من لا يملك العلم الشرعي الذي يرد به على أهل الضلالات، فالواجب عليه هجرهم واعتزالهم، جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: وقال أحمد في مكان آخر: ويجب هجر من كفر، أو فسق ببدعة، أو دعا إلى بدعة مضلة أو مفسقة على من عجز عن الرد عليه، أو خاف الاغترار به والتأذي دون غيره. انتهى..
وقال في مطالب أولي النهى: ويتجه جواز نظر في كتب أهل البدع لمن كان متضلعاً من الكتاب والسنة مع شدة تثبت وصلابة دين، وجودة، وفطنة، وقوة ذكاء، واقتدار على استخراج الأدلة، للرد عليهم وكشف أسرارهم، وهتك أستارهم لئلا يغتر أهل الجهالة بتمويهاتهم الفاسدة، فتختل عقائدهم الجامدة، وقد فعله أئمة من فقهاء المسلمين وألزموا أهلها بما لم يفصحوا عنه جواباً، وكذلك نظروا في التوراة واستخرجوا منها ذكر نبينا في محلات، وهو متجه. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما نصه: الكتب السماوية السابقة وقع فيها كثير من التحريف والزيادة والنقص، كما ذكر الله ذلك، فلا يجوز لمسلم أن يقدم على قراءتها والاطلاع عليها إلا إذا كان من الراسخين في العلم، ويريد بيان ما ورد فيها من التحريفات والتضارب بينها.
وأما عن الكتب التي تحفظ، فلا نعلم كتابا جامعا في هذا الأمر، ولكنه يحسن النظر والمطالعة في الكتب التالية، ففيها كثير مما يتعلق بالموضوع: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، لابن القيم، وإظهار الحق، للشيخ رحمة الله الهندي، ومحاضرات في النصرانية، للشيخ محمد أبو زهرة، ومقارنة الأديان، للشيخ أحمد شلبي، وقذائف الحق، للشيخ محمد الغزالي، وكتاب: دراسات في اليهودية والنصرانية، للدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي.
والله أعلم.