الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبيني لنا في سؤالك الداعي لوالديك لتمييز ابنهم الأكبر هذا على ابنتهم في بعض العطايا. وفي حكم التفضيل بين الأولاد في العطية محل خلاف بين الفقهاء، وأكثرهم على أن التسوية بينهم مستحبة وليست واجبة، ومن ذهب منهم إلى وجوب التسوية كالإمام أحمد أجاز تفضيل بعضهم على بعض إن كان هنالك سبب مشروع كالحاجة والعاهة والزمانة ونحو ذلك، وتجدين التفاصيل في هذه المسألة في الفتوى رقم: 6242.
وعلى القول بوجوب التسوية – وهو ما نرجحه - فما ذكره أهلك من كون البنت تحت زوج ربما يشير إلى أن ما دعاهم للتفضيل حاجة الابن وعدم حاجتها؛ لكونها مكفية بزوجها، فإن كان الداعي حاجة الابن فلا إثم عليهم . وعلى فرض أنهم يفعلون ذلك لغير حاجة، فقد لا يرون أنهم ظالمون فيه، خاصة مع ما ذكرنا سلفا من مذهب الأكثرين.
وعلى تقدير أنهم فعلوا ذلك ظلما فينكر عليهم بالحسنى، والإنكار على الوالدين ليس كالإنكار على غيرهم كما قال أهل العلم، جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل من أمر الوالدين بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ.
وننبه إلى أن من حق الوالدين أن يبرهما ولدهما وإن أساءا، وانظري الفتوى رقم: 299887.
ونوصي بالحرص على العمل بكل ما يكون سببا في أن تسود المودة في الأسرة، وينبغي إغلاق الباب على الشيطان، فمن شأنه أن يفرق بين الأحبة كما ثبت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن جابر قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال - فيدنيه منه ويقول نعم أنت ».
والله أعلم.