الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فمن توفيت عن أخ شقيق، وأختين شقيقتين، وثلاثة إخوة من الأب، ولم تترك وارثا غيرهم، فإن تركتها لأخيها الشقيق، وأختيها الشقيقتين تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى في آية الكلالة: ...وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... {النساء : 176}، ولا شيء للإخوة من الأب؛ لأنهم محجوبون بالشقيق حجب حرمان، فلا يرثون معه بالإجماع.
قال صاحب كشاف القناع: وَيَسْقُطُ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، الِابْنِ وَابْنِهِ، وَالْأَبِ، وَبِالْأَخِ الشَّقِيقِ ... اهـ.
فتقسم التركة على أربعة أسهم، للأخ الشقيق سهمان، ولكل أخت شقيقة سهم واحد، وهذه صورتها:
الورثة / أصل المسألة | 4 |
---|---|
أخ شقيق أختان شقيقتان |
2 2 |
وأما الوصية التي تركتها البنت بالتبرع بما تملك للوقف الخيري، فإن وصيتها بكل ما تملك تعتبر وصية بما يزيد على الثلث، والوصية بما يزيد على الثلث، إنما يمضي منها مقدار الثلث فقط، وأما ما زاد على الثلث، فإنه لا يمضي إلا برضا الورثة.
قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ. فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَبِالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَبِالنِّصْفِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ مَمَاتِكُمْ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ. اهـ.
ويشترط لصحة رضا الوارث بإمضاء تلك الوصية في نصيبه، أن يكون بالغا رشيدا، فإن كان صغيرا أو بالغا غير رشيد، فلا عبرة برضاه، ويحتفظ له بحقه من الميراث كاملا.
والله تعالى أعلم.