الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مس المحدث للمصحف بحائل، اختلف فيه أهل العلم: فذهب الحنفية والحنابلة، إلى جواز مسه بحائل، وذهب المالكية والشافعية، إلى تحريم المس مطلقا ولو كان بحائل. وانظري الفتوى رقم: 141022.
وعلى القول بجواز مسه بالحائل؛ فإن القائلين بذلك، لم نقف لهم على نص يشترط أن يكون الحائل كثيفا، وإنما اشترطوا أن يكون منفصلا عنه، مما لا يتبعه في البيع.
جاء شَرح دَلِيلُ الطَّالِب: ويحرم عليه مس المصحف ببشرته بلا حائل... أما مسُّه بحائلٍ فلا يضرّ، كتصفحه بكمِّه، أو عودٍ، وحمله بعِلاقَة، وفي كيس. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: والصحيح عند الحنابلة جواز مس المصحف للمحدث بحائل، مما لا يتبعه في البيع، ككيس، وكُمٍّ؛ لأن النهي إنما ورد عن مسه, ومع الحائل إنما يكون المس للحائل دون المصحف. اهـ.
والظاهر من هذا أنه لا فرق عندهم بين الحائل الكثيف والحائل الخفيف (الشفاف)؛ لأنهم عندما نصوا على حرمة مباشرته بلا حائل، لم يفرقوا بين حائل وحائل، إلا إذا كان مما يتبعه في البيع؛ فإنه لا يعتبر حائلا.
ولا شك أن الورع والاحتياط في الدين هو الابتعاد عن مسه بحائل للمحدث والحائض، خروجا من الخلاف، كما بينا في الفتوى المشار إليها، ومن باب أحرى إذا كان الحائل شفافا جدا، وهذا في الحالات العادية.
أما عند الضرورة أو الحاجة، كأن تكوني معلمة أو متعلمة؛ فإن المحققين من أهل العلم نصوا على جواز مس المصحف للحائض عند الحاجة إلى ذلك، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الذي نرى رجحانه، كما بيناه في الفتويين التالية أرقامهما: 33806، 47173.
والأحوط في هذه الحالة أيضا، أن يكون المس بحائل.
والله أعلم.