الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيجب عليك أولا أن تتوب إلى الله تعالى من الزنا، وتقطعَ علاقتك فورا بتلك الفتاة؛ فإن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، ومُتَوعدٌ أصحابُه بالعذاب الأليم، ومما جاء في بيان عذابهم قولُ النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه الملكان وأخذاه قال: فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا ... إلى أن قال: ... وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ...إلخ رواه البخاري، وهذا مع ما يصيب الزاني في الدنيا من الذلة والعار، فاتق الله تعالى وتب إليه، ومن تاب تاب الله عليه.
وأما دفع الزكاة لتلك الفتاة: فإذا كانت فقيرة -كما ذكرت- ولا تجد نفقة تكفيها وليست مكفية بنفقة والدها، فلا حرج في دفع الزكاة إليها، ولا يمنع من ذلك كونها زانية، فربما تعف عن الزنا، كما جاء في حديث الرجل الذي تصدق على زانية فقيل له: وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا ..إلخ ، والحديث متفق عليه.
وقد اتفق أهل العلم على جواز دفع الزكاة للزانية إذا كانت فقيرة.
قال ابن بطال في شرح الحديث السابق: وأما الصدقة على السارق والزانية، فإن العلماء متفقون أنهما إن كانا فقيرين فهما ممن تجوز له الزكاة ... اهــ.
وإذا جاز دفع الزكاة إليها، فأعطها المال، وهي تتصرف فيه على حسب حاجتها؛ لأن الزكاة لا بد فيها من تمليكها للفقير، وانظر الفتوى رقم: 27006 في بيان مصارف الزكاة.
والله تعالى أعلم.