الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهناك فرق بين كيفية تحقيق شرط ستر عورة المرأة في الصلاة حتى تصح، وبين كيفية ستر عورة المرأة عن نظر الرجال الأجانب، فالمرأة إذا سترت عورتها بلباس ضيق يصف حجم بدنها، صحت صلاتها مع الكراهة، وأما ستر عورتها من نظر الرجال الأجانب، فلا يجوز أن يكون بضيق يصف حجمها.
وقد سبق أن ذكرنا حرمة لبس المرأة المسلمة للباس الضيق أمام محارمها سوى زوجها، وأمام نسائها إذا كان من السرة إلى الركبة، وذلك في الفتوى رقم: 161855. كما سبق أن بينا صحة صلاة من صلى بضيق يصف الحجم، وذلك في الفتوى رقم: 55616. وكلام المرداوي الذي سبق أن نقلناه إنما هو في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 321742، وكذلك الفتوى رقم: 32093.
ويؤكد ذلك أنه قال في الإنصاف بعد نقله السابق عن المجد: قال ابن تميم، وغيره: ويكره للمرأة في الصلاة شد وسطها بمنديل، ومنطقة، ونحوهما. اهـ.
فمراده بيان صحة الصلاة بالملابس الضيقة، مع كراهتها.
وأما مجرد اللبس في غير حكم الصلاة فيه، فكراهة لبس ما يصف لون بشرة العورة مرتبطة بأن تكون في موضع لا يراها فيه إلا من يحل له النظر إلى عورتها من زوج، أو سيد، أما غيرهما فيحرم لبس ذلك عنده.
وكذلك الحال في لبس ما يصف الحجم، قال المردواي: يكره لبس ما يصف البشرة للرجل والمرأة الحي والميت، ولو لامرأة في بيتها، نص عليه. وقال أبو المعالي: لا يجوز لبسه. وذكر جماعة: لا يكره لمن لم يرها إلا زوج، أو سيد. وذكره أبو المعالي، وصاحب المستوعب، والناظم في آدابه. قال في الرعاية، وهو الأصح. وأما لبسها ما يصف اللين والخشونة والحجم، فيكره. اهـ.
وقال الحجاوي في الإقناع: ويكره للنساء لبس ما يصف اللين، والخشونة، والحجم. اهـ. فهذه الكراهة لمجرد اللبس.
وأما إن كانت بحيث يراها من لا يحل له النظر إلى عورتها، فيجب أن يكون الساتر كثيفًا، لا يشف، وفضفاضًا، لا يصف، كما هو معلوم في شروط حجاب المرأة.
وبهذا يتضح أن الكراهة المذكورة لا علاقة لها بإثارة الشهوات والغرائز.
والله أعلم.