الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن وصف الحلال إنما يعبر به عن حكم الشرع، وهذا أمر غالب مشهور، ونسبة الأحكام إلى الشرع تعني نسبته إلى دين الله تعالى، فالكذب والمزاح فيها يعني الكذب والمزاح في أمر الدين، فيكون كذبا على الله تعالى، وقد قال عز وجل: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ {النحل: 116}.ولذلك يجب البعد عن مثل هذا المزاح واجتنابه، والزجر عنه وإنكاره، ويزداد الأمر سوءا إن كان القائل مستخفَّا بشأن الشرع وأحكامه، مستهينا بشيء من الدين وحدوده، فيجمع بذلك بين الكذب على الشرع والاستهزاء بحكم من أحكامه، وتلك ظلمات بعضها فوق بعض! قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ {التوبة: 65}.
وهذا من حيث حكم القول نفسه، أما القائل فهو على خطإ في كل الأحوال، ولكن تختلف درجته بحسب حاله، فالذاهل عن كون كلمة: حلال ـ إنما تعبر عن حكم الشرع، يختلف عمن يستحضر ذلك، ولكنه يتهاون في إطلاقها، والقاصد لمعنى الحِلِّ الشرعي يختلف عن المتأول فيه، الحامل له على معان أوسع من ذلك.
وعلى أية حال، فلسنا في حاجة للحكم على الشخص، وإنما نحتاج إلى التنبيه إلى خطورة المزح بمثل هذا الكلام، بيانا وتحذيرا وزجرا عنه.
والله أعلم.