الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الإسراف والتبذير من الأمور المذمومة شرعاً، قال الله تعالى: وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141]، وقال تعالى: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [الإسراء:26-27].
والإسراف هو مجاوزة الحد في استهلاك المباحات.
قال ابن عابدين -رحمه الله- في رد المحتار: الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي، زائداً على ما ينبغي. انتهى.
وقد حرمه غير واحد من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما نقله عنه غير واحد منهم ابن مفلح في الآداب الشرعية.
فقال: وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر: الإسراف في المباحات هو مجاوزة الحد، وهو من العدوان المحرم. انتهى.
وعليه، فرمي ما تبقى من طعام، لا يجوز إذا كان صالحا، إلا إذا خشي حصول ضرر باستعماله، أو كانت النفوس تعافه، وترغب عنه، فيصرف حينئذ للحيوانات كالأغنام والدجاج، والحمام ونحوها، فإن لم يوجد له مصرف، فنرجو أن لا يكون برميه بأس.
ويمكن معالجة الأمر بمنع أسبابه، وذلك بأن لا يطبخ المرء إلا على قدر حاجته، ويمكن ضبط ذلك بملاحظة العادة والتجربة، فلا يبقى زائد من الطعام حينئذ.
ولا يدخل في الإسراف من اشترى شيئا قدّر أنه يحتاج إليه، ثم تبيّن بعد شرائه أنه لا يحتاج إليه.
وكذلك لا يدخل في الإسراف التبرع بمبلغ مالي للفقراء، مع حاجة الأسرة لذلك المال، ومن باب الأولى إن لم يكونوا بحاجة لشراء شيء مهم.
وكذلك لا يعد مسرفا من تعهد لأطفاله بشراء شيء لهم، فلم يشتره لهم بسبب تبرعه بذلك المال للفقراء، غير أنه يكره الإخلاف بما وعد أطفاله به. ويرجى مراجعة هاتين الفتويين: 333322، 325483.
والله أعلم.