الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت الأخت السائلة في تركها للدراسة الجامعية للسبب المذكور، وقد كان ينبغي أن تُعان على ذلك وتُحمد، لا أن تُذم، وانظري الفتوى رقم: 2523.
وأما عن عمل المرأة في بيتها، وبيعها لما تصنعه، فلا حرج فيه، ولا يصح أن تنفى البركة عن كسبها، لكونها امرأة! فإن العمل المباح ـ سواء من الرجل أو المرأة ـ من الكسب الطيب المبارك، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الكسب، فقال: عمل الرجل بيده, وكل بيع مبرور. رواه أحمد والطبراني والبيهقي، وصححه الحاكم والألباني.
وذكر الرجل هنا للتغليب، وإلا فهو يتناول المرأة، قال الصنعاني في سبل السلام: عمل الرجل بيده، ومثله المرأة. اهـ.
والبيع المبرور هو ما خلا من المحاذير الشرعية، قال القاضي عياض في إكمال المعلم: بيع مبرور، إذا لم يخالطه كذب ولا غش. اهـ.
وقال المناوي في التنوير: هو ما ليس فيه شيء مما نهي عنه. اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم المرأة أن تكون تاجرة، سواء كانت مسافرة أو مقيمة؟ فأجابت: الأصل إباحة الاكتساب والاتجار للرجال والنساء معا في السفر والحضر، لعموم قوله سبحانه: وأحل الله البيع وحرم الربا... ولما هو ثابت أن النساء في صدر الإسلام كن يبعن ويشترين باحتشام وتحفظ من إبداء زينتهن، لكن إذا كان اتجار المرأة يعرضها لكشف زينتها التي نهاها الله عن كشفها، كالوجه، أو لسفرها بدون محرم، أو لاختلاطها بالرجال الأجانب منها على وجه تخشى فيه فتنة، فلا يجوز لها تعاطي ذلك، بل الواجب منعها، لتعاطيها محرما في سبيل تحصيل مباح. اهـ.
ومما ورد في ذلك عن نساء الصحابة، ما جاء في وصف حال أم المؤمنين زينب بنت جحش، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لزوجاته: أسرعكن بي لحوقا أطولكن يدا ـ فماتت زينب أولا، قالت عائشة: وإنما كان ذلك لأنها كانت صناعا تعين بما تصنع في سبيل الله ـ قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
وفي رواية ابن سعد في الطبقات الكبرى قالت: وكانت زينب امرأة صناع اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله.
وكذلك حال امرأة عبد الله بن مسعود: فقد كانت امرأة صناعا، وكانت تبيع وتتصدق. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما، وصححه الألباني والأرنؤوط.
وأما عن خصوص عمل مجسمات لشخصيات كرتونية وبيعها، فراجعي الفتوى رقم: 341299.
والله أعلم.