الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمسألة تغطية الوجه فيها خلاف بين الفقهاء قديمًا وحديثًا، والراجح عندنا هو القول بوجوب تغطيته؛ لأدلة بيناها في الفتوى رقم: 4470.
ولا شك أن التغطية أحوط، وأبرأ للذمة، ويكفي العامي ـ نعني من ليس له علم شرعي ـ أن يستفتي من يثق به من العلماء، ويعمل بفتواه؛ لقول الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
قال القرطبي -رحمه الله-: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ـ وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
ولعلك تعلمين أن هنالك من تعمل في مجال الطب وهي ساترة وجهها، وإن وجدت شيئًا من المشاكل فهي مشاكل قد تتعرض لها كل من تستر وجهها، فينبغي احتساب الأجر في مثل هذا، فعند غربة الدين يعظم أجر المستقيمين، روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بدأ الإسلام غريبًا، ثم يعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس. وأصل الحديث في صحيح مسلم.
وفي نهاية المطاف؛ إن وجدت أن ستر الوجه في العمل سيضر بك، فلا حرج عليك في كشفه، فإن الضرورات تبيح المحظورات، واحرصي على الالتزام بستره بحضرة غير المحارم من الرجال في غير وقت العمل، وانظري الفتوى رقم: 18799.
والله أعلم.