الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمور:
أولا: إن كانت هذه الأيمان تجري على لسان الحالفين من غير قصد لإنشاء اليمين، فهي من لغو اليمين الذي لا تجب به الكفارة، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في بيان لغو اليمين غير الموجب للكفارة: وقوله: الذي يجري على لسانه بغير قصد، يعني يطلقه لسانه وهو لا يقصده، وهذا ليس فيه كفارة بنص القرآن، قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ {المائدة: 89} ولغو اليمين يخرج من القيد السابق في اليمين المنعقدة، وهو قوله: قُصِد عقدها، ولغو اليمين لم يقصد عقدها، فلا تكون يميناً منعقدة، قوله: كقوله: لا والله، وبلى والله، والدليل على أن هذا من لغو اليمين قوله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ {المائدة: 89} وقوله تعالى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ {البقرة: 225}ولا تكسب القلوب إلا ما قصد، لأن ما لا يقصد ليس من كسب القلب، وقول عائشة ـ رضي الله عنها: اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته: لا والله، بلى والله، أي: إن الرجل عندما يقول ذلك لا يقصد القسم والعقد، فهذا نوع من لغو اليمين.
ثانيا: من كان منهم يحلف قاصدا الحلف، فإنه تلزمه الكفارة إذا حنث، وتتكرر الكفارة بتكرر الأيمان إذا كان المحلوف عليه متعددا، وعند الحنابلة أن من حلف أيمانا متعددة وحنث لم تلزمه إلا كفارة واحدة، لكون موجب هذه الأيمان واحدا فتداخلت، وهذا القول يسع تقليده لمن وجد حرجا في التكفير عن جميع ما حنث فيه من أيمان، فتجزئه عند الحنابلة كفارة واحدة، والأحوط له أن يكفر عن جميع هذه الأيمان، ويعمل في ذلك بالتحري فيخرج من الكفارة ما يغلب على ظنه معه براءة ذمته، وانظر الفتوى رقم: 298015.
ثالثا: كثرة الحلف ليست من الخصال المحمودة بكل حال، فينبغي مناصحة من يعتاد الحلف الكثير بالتقلل من ذلك تفاديا للحنث وتحرزا من لزوم الكفارة، قال تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224}.
وهو على أحد الأقوال نهي عن إكثار الحلف، وقال تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ {القلم:10}.
وراجع الفتوى رقم: 134050.
رابعا: اجتهدي في مناصحة أقاربك وتعليمهم هذه الأحكام بحسب الوسع والطاقة حتى لا يقعوا في محظور، وبالمناصحة والبيان تبرأ ذمتك ويتحمل كل واحد منهم تبعة فعله.
والله أعلم.