الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي قبل الجواب أن نفرق بين القضاء والمقضِيّ، وبين القدر والمقدَّر! فالقضاء والقدر من جملة صفات الله تعالى وأفعاله: كعلمه وقدرته ومشيئته، وخلقه لمخلوقاته على ما سبق به علمه. وهذا ليس مخلوقا قطعا.
وأما القضاء والقدر بمعنى المقضي والمقدر، فهما من جملة مخلوقات الله تعالى، ولذلك يؤمن أهل السنة بأن أفعال العباد مخلوقة.
والأصل الجامع في هذا أن نقول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كل ما سوى الله فهو مخلوق، وكلامه وصفاته ليست خارجة عن مسماه. اهـ.
يعني أن كلام الله وصفاته ليست مخلوقة.
وبهذا التفريق يتضح الجواب على السؤال، فالقضاء والقدر ليسا مخلوقين، وأما المقضي والمقدر فهما مخلوقان.
قال شيخ الإسلام: أمره وقدره الذي هو صفته - كمشيئته وكلامه- غير مخلوق. فأما أمره الذي هو قدر مقدور، فمخلوق، فالمقدور مخلوق، والمأمور به مخلوق، وإن سُمِّيَا أمرا وقدرا. اهـ.
وقال أيضا: ومنهم من يقول: بل أفعال العباد كلها غير مخلوقة أو قديمة؛ ويقول ليس مرادي بالأفعال الحركات؛ بل مرادي الثواب الذي يجيء يوم القيامة! ويحتج هذا بأن: القدر غير مخلوق، والشرع غير مخلوق. ويجعل أفعال العباد هي: القدر والشرع!! ولا يفرق بين القدر والمقدور، والشرع والمشروع؛ فإن الشرع الذي هو أمر الله ونهيه غير مخلوق، وأما الأفعال المأمور بها والمنهي عنها، فلا ريب أنها مخلوقة؛ وكذلك القدر الذي هو علمه ومشيئته وكلامه، غير مخلوق، وأما المقدرات: الآجال والأرزاق والأعمال فكلها مخلوقة. اهـ.
وانظر للفائدة، الفتوى رقم: 20434.
والله أعلم.