الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمسائل الخصومات والمناكرات، تحتاج للعرض على قاضٍ شرعي، أو من يقوم مقامه، ممن يسمع للطرفين، ويتحرى في معرفة الواقع بملابساته، ويفصل في النزاع؛ لأن الأمر هنا محتمل، والألفاظ والمقاصد والوقائع لها أثر في الحكم، فقول السائل: (اعتبرتها أم زوجتي دينًا عليَّ، أسدده وقتما أشاء، وتكلمت مع زوجتي في ذلك، ولكني سكت عن ذلك)، يمكن أن يترتب عليه ثبوت هذا الدَّين في ذمة السائل، باعتبار أن تصرف أصهاره في شراء الأثاث المذكور، له حكم تصرف الفضولي، وشراء الفضولي على غيره في ذمته، محل خلاف بين أهل العلم، والجمهور على صحته، إذا أجازه صاحبه، قال الكاساني في بدائع الصنائع: لو اشترى الفضولي شيئًا لغيره، ولم يضف المشترى إلى غيره، حتى لو كان الشراء له، فظن المشتري والمشترى له أن المشترى يكون للمشترى له، فسلم إليه بعد القبض بالثمن الذي اشتراه به، وقبل المشترى له: صح ذلك. اهـ.
وقال الحجاوي في الإقناع: إن اشترى له في ذمته بغير إذنه، صح، إن لم يسمه في العقد، سواء نقد الثمن من مال الغير أو لا، فإن أجازه من اشترى له ملكه من حين العقد، وإلا لزم من اشتراه، فيقع الشراء له. اهـ.
وبوّب البخاري في صحيحه: (باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه، فرضي) وأسند تحته قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار.
قال محمد أنور شاه الكشميري في فيض الباري: أشار إلى جواز بيع الفضولي، ووافق فيه أبا حنيفة، وكذلك الحكم في شراء الفضولي بعد لحوق الإجازة عنده. اهـ.
والمقصود أن اعتبار سكوت السائل إجازة لهذا الشراء، محل نظر يحتاج إلى فصل.
وأمر آخر يرجح هذه الإجازة، وهو استعمال السائل لهذا الأثاث!
وأما قول السائل: (حجزت لها أكثر من تذكرة طيران بالريال السعودي بمبلغ 1050 ريال تقريبًا، لزوم الزيارة والسفر على أن تسددها لي لاحقًا)؛ فهذا يثبت حقه في هذا المبلغ بالعملة التي تعامل بها، وهو الريال السعودي، فله على أم زوجته دين يساوي هذا المبلغ، يرد إليه بمثله من الريالات، أو بما يساويها من غيرها، بقيمته وقت أداء الدين، لا وقت تحمله، وانظر للفائدة الفتويين: 99163، 45096.
والله أعلم.