الحقوق بين الزوجين

22-6-2017 | إسلام ويب

السؤال:
بالنسبة للزوج:
الزوج منوط به أشياء كثيرة منها:
1- تكاليف الزواج، والتي قد تصل لـ120 ألف ريال.
2- توفير السكن للزوجة دائما، طالما هي في ذمته.
3- النفقة على الزوجة: الحاجيات والكماليات، دائما، طالما هي في ذمته.
4- القوامة، وتحمل مسؤولية الزوجة بالكامل، والذي يأخذ من وقت وجهد وتفكير الزوج.
ما الذي يأخذه الزوج مقابل هذا كله (من ناحية شرعية)، يقدم أشياء كثيرة، في مقابل شيء واحد وهو التمكين من المرأة.
هل هذا عدل، يقدم أشياء كثيرة منها نفقتها التي تتضمن الكماليات والأساسيات، يقدم كل شيء، مقابل شيء واحد؟
أريد جوابًا صريحا، حيث إنني مقدم على الزواج، وأريد أن أقدم عليه وأنا مقتنع به.
بعض الأزواج يجبرون زوجاتهم على العمل، والمشاركة بالنصف في نفقة البيت، وكل شيء، إذا ما أردت ذلك، يمكنني أن أفعله، ولكنني أعرف في النهاية أن الشريعة الإسلامية أوجبت على الزوج النفقة والسكن، ولذلك أنا أسألكم: هذه النفقات من تكاليف زواج، وسكن، ونفقة الزوجة، والقوامة، أوجبها الله من خلال كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على الزوج، وفرضها عليه، وإذا فرط فيها، فعليه إثم يحاسب عليه يوم القيامة (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول) (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) وهذا معلوم. ولكن في مقابل كل هذه التكاليف، ماذا يحصل الزوج في مقابل ذلك؟ إن كانت طاعة الزوج أول حق له، فهي في مصلحة الزوجة بسبب القوامة، فما الذي يأخذه الزوج مقابل كل ذلك لا يعقل أن يقدم الزوج كل ذلك، مقابل التمكين من المرأة فقط، كما سبق يقدم أشياء كثيرة مقابل شيء واحد.
ما " التأصيل العلمي الشرعي" للجواب على السؤال السابق، من تراثنا الفقهي الإسلامي، فلا شك أن بعض الفقهاء السابقين بحث هذا الأمر في كتب الأولين الفقهية؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالزواج نعمة عظيمة، امتنّ الله بها على عباده، وفيه من المصالح الدينية والدنيوية ما لا يخفى على عاقل، وليس هو من باب المعاوضات المحضة، ولكنه ارتباط وثيق وميثاق غليظ، وازدواج ومشاركة، مبناها على المودة والرحمة، قال تعالى:  وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً. [الروم:21]
قال ابن كثير -رحمه الله-: فلا ألفة بين روحين، أَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.." تفسير ابن كثير (3/ 474)
وفي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»
وفي سنن ابن ماجه عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ، خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ»
وقال الدهلوي -رحمه الله-: اعْلَم أَن الارتباط الْوَاقِع بَين الزَّوْجَيْنِ أعظم الارتباطات المنزلية ....، وأكثرها نفعا، وأتمها حَاجَة؛ إِذْ السّنة عِنْد طوائف النَّاس عربهم وعجمهم، أَن تعاونه الْمَرْأَة فِي اسْتِيفَاء الارتفاقات، وَأَن تتكفل لَهُ بتهيئة الْمطعم وَالْمشْرَب والملبس، وَأَن تخزن مَاله، وتحضن وَلَده، وَتقوم فِي بَيته مقَامه عِنْد غيبته، إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا حَاجَة إِلَى شَرحه وَبَيَانه" حجة الله البالغة.
وعليه، فما يبذله الرجل في سبيل الزواج من المال، فهو يسير في مقابل المصالح المترتبة على الزواج، وكون الزوج ملزماً بالنفقة على زوجته، فهو من العدل الظاهر، فإنّ الزوجة محبوسة لحق زوجها.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: "...وفيه ضرب من العبرة، وهو أن المرأة محبوسة على الزوج، يمنعها من التصرف والاكتساب، فلا بد من أن ينفق عليها. اهـ.
مع التنبيه إلى أنّ النفقة الواجبة على الزوج، هي قدر الكفاية من المطعم والمسكن، والكسوة بالمعروف، وما عدا ذلك من الكماليات فليس واجباً عليه، ولكنه من باب الإحسان، وراجع الفتوى رقم: 105673.
وأمّا المهر، فهو تكريم لشأن المرأة، وإظهار للرغبة فيها، وقد سبق لنا بيان الحكمة من مشروعيته في الفتوى رقم:
174175، فراجعها.

والله أعلم.

www.islamweb.net