الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن البغض يتفاوت بحسب أسبابه ودواعيه، فمجرد وصف الكفر بالله تعالى، وبكتابه المجيد، وبرسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، يكفي لحصول أصل البغض في الله تعالى، ولذلك أخبر الله تعالى بأنه لا يحب الكافرين، وبأنه عدو لهم، فقال سبحانه: فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {آل عمران: 32}. وقال تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ {البقرة: 98}.
والمؤمن أمره تبع لأمر الله، يحب من يحب، ويبغض من يبغض، ومع هذا البغض فإن الكافر المسالم أو المعاهد أو الذمي له حقوق يجب أداؤها، وله حدود يحرم تعديها، بخلاف الكافر الحربي الذي يقاتل المسلمين ـ ولاسيما إذا احتل بلادهم، وسفك دماءهم، واعتدى على أعراضهم وأموالهم، وبغى عليهم وظلمهم ـ فهذا يشتد بغضه ويعظم بقدر جرائمه، ولذلك لم يساو القرآن بين أنواع الكافرين في العداوة، فجعل اليهود أشدهم، كما قال تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى {المائدة: 82}.
وراجعي في ذلك الفتويين التاليتين: 116950، 28378.
وراجعي في بقية الجواب، الفتوى رقم: 349063.
والله أعلم.