الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أمر النية يسير، ولا يحتاج إلى كبير عناء، فمجرد العزم على الصوم غدا في أي جزء من أجزاء الليل ـ ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ـ كافٍ في تحقيق النية الواجبة، فإذا كان قد خطر ببالكم في أي وقت من الليل أنكم تصومون غدا فقد فعلتم ما وجب عليكم، وكذا لو تسحرتم أو أكلتم أو شربتم للتقوي على الصوم وما أشبه ذلك، فإنه يكفي في النية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الاختيارات: ومن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى.
وقال ابن قدامة في المغني: فَمَتَى خَطَرَ بِقَلْبِهِ فِي اللَّيْلِ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنَّهُ صَائِمٌ فِيهِ، فَقَدْ نَوَى.
ولكن لابد من نية مستقلة لكل يوم، عند الحنفية والشافعة وفي قول معتمد عند الحنابلة، لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة فلابد له من نية، وذهب المالكية ومن وافقهم إلى أن ما يجب تتابعه من الصيام كرمضان تكفيه نية واحدة في أوله لجميعه، لأنه عبادة واحدة، فتكفيه نية واحدة كالصلاة والحج، وهو القول الآخر عند الحنابلة، جاء في التاج والإكليل للمواق عند قول خليل في المختصر: وَكَفَتْ نِيَّةٌ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ ـ قال: مَا تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ كَرَمَضَانَ وَشَهْرَيْ الظِّهَارِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَمَنْ نَذَرَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ وَمَنْ نَذَرَ مُتَابَعَةَ مَا لَيْسَ بِعَيْنِهِ، فَالنِّيَّةُ فِي أَوَّلِهِ لِجَمِيعِهِ تُجْزِئُهُ.
وقال ابن عاشر في المرشد: ونية تكفي لما تتابعه * يجب إلا إن نفاه مانعه.
ولذلك، فمادمتم قد نويتم الصيام في أول رمضان فتكفيكم هذه النية على هذا القول، وصومكم صحيح ولو لو لم تجددوا النية بعد ذلك.
والله أعلم.