الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن خوف أبيك على أخواتك من هذه الهواتف وخطورتها، أمر في محله، وهو مسؤول عنهن، ومقتضى مسؤوليته السعي في صيانتهن عن الفساد، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، قال السعدي -رحمه الله: أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدينية، والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام... فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد، والعقاب. اهـ.
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته... والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته...الحديث. فعلى أبيك أن يقوم بالنصح، والتوجيه، والتعليم، وتوجيههن إلى استعمال تلك الهواتف استعمالًا حسنًا.
ومن أفضل ما يمكن أن يكون سببًا في حفظهن من الفتن، تعليمهن أمور دينهن، وتربيتهن على الإيمان، وطاعة الرحمن، فذلك سبيل لزرع الخشية من الله، ومراقبته في القلب.
ومما يعينه في تربيتهن أن يكون قدوة لهن في الخير، والإناث أسرع في التأثر بالآباء في مثل هذا، كما هو واقع ومشاهد كثيرًا، هذا مع التنبه إلى كثرة الدعاء لهن، وخاصة من قبل الوالدين، فدعوتهما مستجابة، ففي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.
وأما المسلسلات العربية المعروفة، ففيها منكرات لا تخفى. فإذا أمكن اجتناب ما فيها من هذه المنكرات، فلا بأس في مشاهدتها، وإن كان ذلك غير ممكن، فلا يسمح لهن بمتابعتها؛ دفعًا لما يظنه بشأن مفاسد الجوالات، فتلك مفاسد مظنونة، وهذه مفاسدة محققة يراها، ويسمعها، فيتعين عليه إنكارها، وقطعها, وإنما تكون الموازنة في ما لو تحقق ذلك منهن، ولا يقدر على دفعه إلا بهذه الطريقة.
والله أعلم.