تصح تعدية أنزل بـ إلى و على

11-8-2003 | إسلام ويب

السؤال:
قال تعالى: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) سورة الزمر، وفي الآية 41يقول تعالى: (إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق). لماذا قال في الأولى "إليك" وفي الآية الثانية قال "عليك"؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن حروف الجر تتمايز عن بعضها، ولكل واحد منها معناه وموقعه المناسب الذي ينبغي أن يكون فيه من الكلام حسب المعنى والسياق، وربما تتبادل فيقع بعضها مكان بعض لمعنى مقصود.

ولهذا عديت أنزلنا بحرف الانتهاء "إلى" في قول الله -تبارك وتعالى-: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ [الزمر:2]، لأن غاية النزول هنا والمخاطب به هو شخص النبي -صلى الله عليه وسلم- تنويها بشأنه صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في بداية سورة البقرة -أيضًا- في قول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ [البقرة: 4].

وقد أفاد هذا المعنى العلامة الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير، حيث قال: وعُدّي الإنزال بـ "إلى" لتضمينه معنى الوصف، فالمنزل إليه غاية للنزول... ج 1 ص 239. والجزء: 11 ص: 314.

وأما قوله تبارك وتعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الزمر:41]، فمعناها أن الله -تعالى- أنزل الكتاب بالحق على نبيه -صلى الله عليه وسلم- لصالح الناس، ولفائدتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وقال له: من اهتدى من الناس بواسطتك فهدايته لنفسه، ومن ضل ولم يهتد، فضلاله على نفسه، وما عليك من ضلاله تبعة، لأنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة.. ولهذا المعنى خولف بين حرفي التعدية هنا، وبين ما في صدر السورة: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ. لأن تلك في غرض التنويه بشأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فناسب أن يكون الإنزال إليه، وهذه لفائدة الناس، والخطاب فيها موجه إليهم، لتتحقق لهم السعادة بهذا الكتاب. انتهى ملخصًا من تفسير التحرير والتنوير.

ولا مانع من أن يكون اختيار إحدى التعديتين تفنناً في العبارة، وهو أسلوب معروف في اللغة العربية.

والله أعلم.

www.islamweb.net