الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسورة والنجم -كما قال أهل التفسير- هي أول سورة أعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهر بقراءتها في الحرم، والمشركون يستمعون. وسبب نزولها أن المشركين قالوا إن محمدا يتقول القرآن، ويختلق أقواله، فأنزل الله تبارك وتعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ( 4)...
فأقسم الله تعالى بهذا المخلوق العظيم -النجم- تشريفا له، وتنبيها منه؛ ليكون معتبرا فيه، حتى تؤدي العبرة إلى معرفة الله تعالى.
قال ابن سعدي في تفسيره: يقسم الله تبارك وتعالى بالنجم عند هويه أي: سقوطه في الأفق في آخر الليل، عند إدبار الليل وإقبال النهار؛ لأن ذلك من آيات الله العظيمة، الدالة على صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي الإلهي، وفي ذلك مناسبة عجيبة، فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء، فكذلك الوحي وآثاره زينة للأرض، فلولا العلم الموروث عن الأنبياء، لكان الناس في ظلمة أشد من الليل البهيم.
والمقسم عليه، تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الضلال في علمه، والغي في قصده، ويلزم من ذلك أن يكون مهتديا في علمه، هاديا، حسن القصد، ناصحا للأمة، بعكس ما عليه أهل الضلال من فساد العلم، وفساد القصد.
وقال تعالى: {صَاحِبُكُمْ} لينبههم على ما يعرفونه منه، من الصدق والهداية، وأنه لا يخفى عليهم أمره، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}: أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وَهُنَا تَمَّ إِبْطَالُ قَوْلِهِمْ؛ فَحَسُنَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} أي: لا يتبع إلا ما أوحى الله إليه من الهدى والتقوى، في نفسه وفي غيره. اهـ من تفسير السعدي وابن عاشور.. بتصرف يسير.
والله أعلم.