الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقود اللازمة، لا يملك أحد طرفيها فسخها دون عذر، فإذا فسخ أحد العاقدين دون عذر، لم ينفسخ العقد، وتترتب عليه آثاره. ولا نعلم اختلافاً بين سائر العقود اللازمة في هذا الحكم، فيستحق العاقد العوض كالثمن والأجرة، ولا يسقط حقه بترك العاقد الآخر للمعقود عليه.
جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله- : ومن استأجر عقارا مدة بعينها، فبدا له قبل تقضيها، فقد لزمته الأجرة كاملة. وجملته أن الإجارة عقد لازم، يقتضي تمليك المؤجر الأجر، والمستأجر المنافع، فإذا فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء مدتها، وترك الانتفاع اختيارا منه، لم تنفسخ الإجارة، والأجر لازم له، ولم يزل ملكه عن المنافع، كما لو اشترى شيئا وقبضه، ثم تركه. اهـ.
والمفتى به عندنا أنّ الاستصناع من العقود اللازمة، فلا يجوز فسخه دون عذر، وراجع الفتوى رقم: 11224.
فإذا رجع أحد العاقدين في الاستصناع دون عذر، لم ينفسخ العقد، ووجب على الصانع تسليم المعقود عليه في الأجل المعلوم، وعلى المستصنع أداء الأجرة المتعاقد عليها.
والله أعلم.