الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نهنئك على حرصك على المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد, ونسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على الخير, وأن يوفقنا وإياك لكل خير, ثم إن الصلاة جماعة في المسجد واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء في الأحوال العادية من غير اعتبار مكبر الصوت كما تقدم في الفتوى رقم: 331864.
وعلى هذا, فإنه لايجب عليك الذهاب للمسجد المذكور إذا كان يبعد عنك مقدار المسافة التي ذكرتها.
هذا إضافة إلى أن الاشتغال بالدراسة يعتبر عذرا يبيح التخلف عن صلاة الجماعة إذا ترتب على ترك الدراسة ضرر معتبر يلحق الإنسان في معيشته مثلا, ففي فتاوى نورعلى الدرب للشيخ بن عثيمين :
أنا طالب في المدرسة في سن العشرين أدرس في خارج بلدي التي نشأت فيها والدراسة تنتهي بعد صلاة الظهر بنصف ساعة وأنا لا أشتغل أولاً هل يجوز لي أن أتأخر عن الصلاة أو عن صلاة الجماعة وأنا في المدرسة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: صلاة الجماعة واجبة على الإنسان إلا إذا تضرر في معيشةٍ يحتاجها أو نحو ذلك، فإذا كان يلحقه ضرر في مفارقة الفصل لصلاة الجماعة فلا حرج عليه أن يبقى في الفصل، وإذا كان لا يلحقه ضرر وجب عليه أن يصلى مع الجماعة، ثم إذا كان يمكن أن يصلى هو وزملاؤه بعد انتهاء الدرس جماعةً فهذا أسهل وأهون لأن كثيراً من أهل العلم يقولون إن الجماعة لا يجب فعلها في المساجد مع أن القول الراجح أن الجماعة يجب أن تصلى في المساجد المعدة لها كما هي عادة السلف الصالح من الصحابة والتابعين. انتهى
وبناء عليه, فيجوز لك أن تصلي داخل مدرستك، فإن وجدت بعض الطلاب المسلمين فصلّ معهم جماعة, وإلا فصل منفردا, ويرجى لك الحصول على ثواب صلاة الجماعة في المسجد مادمت معذورا, ففي كشاف القناع للبهوتي: (ولا ينقص أجره) أي: المصلي منفردًا (مع العذر) لما روى أحمد، والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد، أو سافر كتب الله ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا». قال في الفروع: ويتوجه احتمال تساويهما في أصل الأجر وهو الجزاء، والفضل بالمضاعفة. انتهى.
والله أعلم.