الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نقف فيما اطلعنا عليه من دواوين السنة على هذه القصة بكمالها إلا ما ذكره اللكنوي عبد الحي في الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، وذكر أنها موضوعة، فقال:
ذكر بعض القصص المشهورة، ولنذكر ههنا بعض القصص التي أكثر وعاظ زماننا ذكرها في مجالسهم الوعظية، وظنوها أمورًا ثابتة، مع كونها مختلقة موضوعة، فمنها: ما يذكرون من أن النبي لما أسري به ليلة المعراج إلى السموات العلى، ووصل إلى العرش المعلى، أراد خلع نعليه، أخذًا من قوله تعالى لسيدنا موسى حين كلمه: ((فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى))، فنودي من العلي الأعلى: يا محمد، لا تخلع نعليك، فإن العرش يتشرف بقدومك متنعلًا، ويفتخر على غيره متبركًا، فصعد النبي إلى العرش، وفي قدميه النعلان، وحصل له بذلك عز وشأن، وقد ذكر هذه القصة جمع من أصحاب المدائح الشعرية، وأدرجها بعضهم في تأليف السنية، وأكثر وعاظ زماننا يذكرونها مطولة ومختصرة في مجالسهم الوعظية.
وقد نص أحمد المقري المالكي في كتابه فتح المتعال في مدح خير النعال، والعلامة رضي الدين القزويني، ومحمد بن عبد الباقي الزرقاني في شرح المواهب اللدنية على أن هذه القصة موضوعة بتمامها - قبح الله واضعها-، ولم يثبت في رواية من روايات المعراج النبوي مع كثرة طرقها أن النبي كان عند ذلك متنعلًا، ولا ثبت أنه رقى على العرش، وأن وصل إلى مقام دنا من ربه فتدلى، (فكان قاب قوسين أو أدنى)، فأوحى ربه إليه ما أوحى. وقد بسطت الكلام في هذا المرام في رسالتي: غاية المقال فيما يتعلق بالنعال، فلتطالع. اهـ
والله أعلم.