الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمرأة التي طلقها زوجها طلقة واحدة، لا يجوز لها أن تتزوج حتى تنقضي عدتها، بثلاث حيضات، إن كانت ممن تحيض، فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، انقضت عدتها، وحلت للأزواج.
أمّا إذا طهرت من الحيضة الثالثة ولم تغتسل، ففي انقضاء العدة خلاف بين أهل العلم، والأرجح -والله أعلم- عدم انقضائها، قال ابن قدامة -رحمه الله-: إذا انقطع حيض المرأة في المرة الثالثة، ولما تغتسل، فهل تنقضي عدتها بطهرها؟ فيه روايتان، ذكرهما ابن حامد؛ إحداهما: لا تنقضي عدتها حتى تغتسل، ولزوجها رجعتها في ذلك. وهذا ظاهر كلام الخرقي، فإنه قال في العدة: فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، أبيحت للأزواج. وهذا قول كثير من أصحابنا، وروي ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وسعيد بن المسيب، والثوري، وأبي عبيد، وروي نحوه عن أبي بكر الصديق، وأبي موسى، وعبادة، وأبي الدرداء، وروي عن شريك: له الرجعة، وإن فرطت في الغسل عشرين سنة. ووجه هذا قول من سمينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، فيكون إجماعًا، ولأن أكثر أحكام الحيض لا تزول إلا بالغسل، وكذلك هذا.
والرواية الثانية: أن العدة تنقضي بمجرد الطهر قبل الغسل. وهو قول طاووس، وسعيد بن جبير، والأوزاعي. واختاره أبو الخطاب.
وإذا كانت المرأة في عدة الطلاق الرجعي، فلا يجوز أن يتقدم إليها خاطب، ولو بالتعريض دون التصريح، ولا عبرة بكونها لا ترغب في الرجوع، فالرجعة حق للزوج، تصح بدون رضا الزوجة، ولا بكون الزوج لا يرغب في الرجعة، فما دامت المرأة في العدة، فهي في حكم الزوجة، قال القرطبي -رحمه الله-: ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعًا؛ لأنها كالزوجة.
والله أعلم.