الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمنع من تعلية البناء، وتحديده بأدوار معينة، داخل في مسألة تقييد ولي الأمر للمباح، وقد نص العلماء على أن لولي الأمر تقييد المباح، إذا كان في ذلك مصلحة عامة، وتجب طاعته في ذلك. لكن فرق بين ما كان من ذلك فيه مصلحة عامة ظاهرة، أو تترتب على مخالفته مفسدة عامة ظاهرة، وما ليس كذلك، جاء في تحفة المحتاج -من كتب الشافعية-: الذي يظهر أن ما أمر به ـ أي: الحاكم ـ مما ليس فيه مصلحة عامة، لا يجب امتثاله إلا ظاهرًا ـ يعني خشية الضرر، أو الفتنة فقط ـ بخلاف ما فيه ذلك، يجب باطنًا أيضًا. اهـ.
ومن ثم؛، فينظر فيما منعت الرخصة لأجله: فإن لم يكن لمصلحة عامة ظاهرة، ولا تترتب على مخالفته مفسدة عامة، فلا يأثم المرء في ذلك، ولا سيما مع تغاضي الجهات المسؤولة عنه مع علمها بذلك.
وأما لو كان المنع لمصلحة عامة ظاهرة، وتترتب على مخالفته مفسدة ظاهرة، فليس للمرء تجاوز ذلك ببذل مال، أو غيره. ولا مشاركة غيره في ذلك.
وتقدير المصالح وكذلك المفاسد التي قد تترتب على مخالفة هذه القوانين، يرجع فيه إلى ذوي الخبرة والاختصاص هناك، كما يمكن سؤال أهل العلم حيث أنت، ولا سيما من لديهم اطلاع على تلك الأمور، وهذا أولى من السؤال عن بعد.
وأما من ملك سهمًا في ذلك وباعه، فلا حرج عليه في الانتفاع بثمنه، إذا أقرت الجهات المسؤولة البناء، وأذنت فيه، وتغاضت عنه.
والله تعالى أعلم.