الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك شرعًا حمل هذا الرجل، وإيصاله إلى بيته، وخاصة مع وجود من يمكنه أن يحمله، وهي ابنته كما ذكرت، ولا تكون فظًّا إن رفضت حمله، ولا يلزمك طاعة أمك إن أمرتك بحمله؛ لأنها لا مصلحة لها في ذلك، ولما في حمله من المشقة عليك، كما ذكرت، وطاعة الوالدين تجب فيما فيه مصلحة لهما، ولا مشقة على الولد، كما بيناه في الفتوى رقم: 76303.
ومع هذا؛ فمهما أمكنك أن تحمله، فافعل؛ فإنك بذلك تبر أمك، وتكسب رضاها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تكون قد امتثلت ما جاء به الشرع في حثه على المواساة، ومساعدة المحتاج، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر، فليعد به على من لا ظهر له؛ ومن كان له فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له»، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: في هذا الحديث الحث على الصدقة، والجود، والمواساة، والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب. اهـ.
والله أعلم.