الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلم تبين لنا -أخي السائل- بشكل واضح من هما اللذان كنت تدفع لهما المال كَدَيْنٍ، هل هما والداك أم بعض أخواتك؟ وإن كنت تعني أنك كنت تدفع المال لوالديك ديناً مع غناهما بالعقارات التي ذكرتها، فإنه يجوز لك أن تطالب بالدين الذي دفعته لوالدتك في قول المذاهب الأربعة، وتأخذه من تركتها قبل قسمتها على الورثة؛ لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، وحتى الحنابلة الذين منعوا الولد من مطالبة أبيه بالدين خصوا ذلك بالأب دون الأم، وقالوا بجواز مطالبة الأم بما عليها من دين لولدها، قال في كشاف القناع: وَكَذَا الْأُمُّ تُطَالَبُ بِدَيْنِ وَلَدِهَا.. اهــ ، ورجح الشيخ ابن عثيمين أنه لا يطالب أمه كما لا يطالب أباه.
لكن نقول: له المطالبة بعد وفاتها لأن الحنابلة لما منعوا الولد من مطالبة الأب بالدين إنما منعوه في حياة الأب، وأما بعد مماته، فإن للابن أن يأخذ الدين من تركة أبيه، قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، رَجَعَ الِابْنُ فِي تَرِكَتِهِ بِدَيْنِهِ لِأَنَّ دَيْنَهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ... اهــ.
والله تعالى أعلم.