الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي هذه الآية أمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- ألا يجهر بصلاته وألا يخافت بها، والجهر رفع الصوت، والمخافتة الإسرار الذي يُسمع المتكلم به نفسه.
واختلف المفسرون في الصلاة ما هي؟ فقال ابن عباس، وعائشة -رضي الله عنهما-، وجماعة: هي الدعاء، وقال ابن عباس، وغير واحد -أيضاً- هي قراءة القرآن في الصلاة، والمعنى: لا تجهر بقراءة صلاتك ولا تخافت بها.
وقد نزلت هذه الآية بمكة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوار بها، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع المشركون ذلك سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- "ولا تجهر بصلاتك" أي بقراءتك فيسمعها المشركون فيسبوا القرآن، "ولا تخافت بها" عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن فيأخذوه عنك، "وابتغ بين ذلك سبيلاً" بين الجهر والمخافتة.
وقيل: لا تجهر بصلاة النهار، ولا تخافت بصلاة الليل، وابتغ بين ذلك سبيلاً من امتثال الأمر كما رسم لك. انتهى مختصرًا من تفسير ابن عطية وغيره.
وأما حكم الجهر في الصلوات الجهرية التي هي الفجر والجمعة والمغرب والعشاء ونوافل الليل، فإنه سنة على الراجح من أقوال أهل العلم، وقيل بوجوبه في المكتوبة، كما يسن الإسرار في صلوات النهار.
ومن لم يجهر في الجهرية المكتوبة، فيسجد قبل السلام، وقيل لا سجود عليه، هذا إذا كان إماماً أو فذا، وأما المأموم، فلا يجهر ولا سجود عليه قولاً واحداً، ولمزيد من التفصيل والفائدة وأقوال أهل العلم، نحيلك إلى الفتوى: 16561.
والله أعلم.