الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما نذر الهازل، فإنه منعقد عند عامة العلماء، إذا تلفظ باللفظ المشعر بالالتزام؛ وذلك لأنه حق محض لله تعالى، فانعقد بمجرد اللفظ، كالمنصوص عليه.
والحديث المذكور، حسنه كثير من العلماء، وألحق الفقهاء بالمذكور ما سواه من حقوق الله تعالى، والآثار المذكورة شاهدة للحديث، دالة على ما دل عليه، جاء في الموسوعة الفقهية: وقال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: أربع جائزة في كل حال: العتق، والطلاق، والنكاح، والنذر. وهذا باتفاق في الجملة.
وذلك أن الهازل أتى بالقول غير ملتزم لحكمه، وترتيب الأحكام على الأسباب إنما هو للشارع، لا للعاقد، فإذا أتى بالسبب، لزمه حكمه، شاء أم أبى؛ لأن ذلك لا يقف على اختياره؛ وذلك أن الهازل قاصد للقول، مريد له، مع علمه بمعناه وموجبه، وقصد اللفظ المتضمن للمعنى، قصد لذلك المعنى؛ لتلازمهما، ثم إن اللعب والهزل في حقوق الله تعالى غير جائز، فيكون جد القول وهزله سواء، بخلاف جانب العباد. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فعليك دفعًا لما أصابك من الوساوس أن تغض الطرف عن هذه المسألة.
واعلم أن من شك في انعقاد نذره، لم يحكم بانعقاده حتى يحصل اليقين الجازم بذلك.
ومن نذر أو حلف، أو حنث تحت تأثير الوساوس، فلا اعتداد بفعله هذا؛ لأنه في معنى المكره، وانظر الفتويين التاليتين: 164941 - 329329.
فاطرح عنك هذه الوساوس، ولا تبال بها، ولا تعرها اهتمامًا، ولا ينعقد نذرك بمجرد هذه الوساوس، وتلك الأفكار.
والله أعلم.