الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على ثقتك بنا وكتابتك إلينا، وجزاك الله خيرا على حرصك على الاستقامة على دينك، ونسأله سبحانه أن ينفس كربك ويذهب عنك الهم والغم، وينزل الهداية والرشد على قلب والديك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ونوصيك بالالتجاء إليه والتضرع والانكسار بين يديه فهو السميع المجيب، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم 119608، وهي عن آداب الدعاء.
وما ذكرته عن والديك من تصرفات تجاهك أمر غريب؛ لأن من المعلوم أن الغالب الشفقة من الوالدين على الولد والرأفة به وإرادة الخير له، ولكن إن صح ما ذكرت من حالهما في سب الدين؛ فماذا يرجى منهما من الخير، وكيف نستغرب سوء تعاملهما معك. وعلى كل فإننا نوصيك مع ذلك الدعاء بالصبر عليهما، والحذر من أن تصدر منك تجاههما أي إساءة، فحقهما عليك البر والإحسان على كل تقدير، وراجع الفتوى رقم: 308197. واجتهد في سبيل التسبب في هدايتهما للحق وتوبتهما إلى ربهما، فهذا من أعظم البر، ويمكنك أن تسلط عليهما بعض العلماء والأخيار عسى الله عز وجل أن يجعل هدايتهما على أيديهم، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.
ومن حقك أن تدفع التهمة عن نفسك عند من اتهمك والداك عنده بما يشين، ولكن ليكن ذلك بأدب وخلق حسن، وأما مصارحة أقاربك أمام الوالدين لإظهار الحقيقة فلا بأس بأن تفعله إن رجوت أن يكون في ذلك مصلحة وزجر لهما عن أفعالهما، وإلا فالأولى ترك ذلك؛ لأنه قد يزيدهما عنادا وسوء معاملة لك.
وإننا في الختام نوصيك بكل ما يمكن أن تخفف به عن نفسك آلامها، من تلاوة القرآن، وذكر الله، والاستغفار، والإكثار من الصلاة، والحرص على صحبة الأخيار، وملء فراغك بما ينفع من خير الدنيا والآخرة.
والله أعلم.