الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن للقبور حرمة ينبغي مراعاتها، فقد جاء الشرع بمنع امتهانها.
قال العلامة البسام في توضيح الأحكام، شرح البلوغ: ولا يجوز مرور الطريق عليها؛ لأنَّ هذا امتهان للأموات، ومعلوم أنَّ لهم حرمة، وهم قد سبقوا إلى هذا الموضع، وصاروا إليه، فالقبور منازلهم. اهـ.
ولكن إذا كانت الطرقات التي في المقابر متميزة عن القبور، ولا يترتب على المشي فيها، المشيُ على القبور ذاتها؛ فلا حرج في سلوكها، سواء من الناس مشيا، أو بسياراتهم، أو على دوابهم.
جاء في فتاوى الشيخ صالح الفوزان: أما قضية مرور الطريق وسط المقبرة، إذا كان الطريق متحدا، والمقبرة على جوانبه، فلا مانع من ذلك؛ لأن الطريق هذا لا يمر على القبور، وإنما هو طريق متحد، ومنعزل عن القبور، وإن كان يمر بين مقبرتين، فلا مانع من ذلك، كالشارع الذي يكون بين مقبرتين، إلا أنه ينبغي أن يقام على القبور ما يحفظها من أذى المارة، ومن أذى المشاة بأن يقام عليها حواجز أو جدران، تفصل بينها وبين الطريق. أما إذا كان المرور الذي ذكره السائل يتطرق على القبور، ويخترق القبور، فهذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجلوس على القبر، وعن أن يطأ الإنسان على القبر، أو يتطرق على القبور؛ لأن هذا فيه أذية للأموات وإهانة للقبور، وقد نهينا عن ذلك، وإذا كان الطريق يخترق القبور ويمشي عليها، فهذا حرام، أما إذا كان الطريق لا يخترق القبور، وإنما هو منعزل عنها، فهذا لا بأس به، إلا أنه ينبغي -كما ذكرنا- أن يفصل بين الطريقين وبين القبور بحائل. اهـ.
والله تعالى أعلم.